العدد 11:4-35, العدد 12:1-16, العدد 13:1-25 NAV

العدد 11:4-35

السلوى من عند الرب

وَاشْتَهَى أَخْلاطُ الأُمَمِ الْمُقِيمُونَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِمَّنْ خَرَجُوا مَعَهُمْ مِنْ مِصْرَ، طَعَامَ مِصْرَ، فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَبْكُونَ قَائِلِينَ: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟ لَقَدْ تَذَكَّرْنَا سَمَكَ مِصْرَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ مَجَّاناً، وَالقِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ، أَمَّا الآنَ فَقَدْ فَقَدْنَا شَهِيَّتَنَا وَهُزِلْنَا، وَلَيْسَ أَمَامَ أَعْيُنِنَا سِوَى هَذَا الْمَنِّ». وَكَانَ الْمَنُّ فِي حَجْمِ بُذُورِ الْكُزْبَرَةِ، وَشَكْلُهُ مُمَاثِلاً لِلْمُقْلِ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَطُوفُونَ لِيَجْمَعُوهُ ثُمَّ يَطْحَنُونَهُ بِالرَّحَى أَوْ يَدُقُّونَهُ فِي الْهَاوَنِ وَيَطْبُخُونَهُ فِي الْقُدُورِ أَوْ يَخْبِزُونَهُ عَلَى حِجَارَةٍ مُحَمَّاةٍ. وَكَانَ طَعْمُهُ كَطَعْمِ قَطَائِفَ بِزَيْتٍ. وَكَانَ الْمَنُّ يَنْزِلُ بِنُزُولِ النَّدَى عَلَى الْمُخَيَّمِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ.

فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى بُكَاءَ جَمِيعِ أَفْرَادِ الشَّعْبِ، كُلٍّ أَمَامَ بَابِ خَيْمَتِهِ، وَرَأَى احْتِدَامَ غَضَبِ الرَّبِّ الشَّدِيدِ اعْتَرَاهُ الاسْتِيَاءُ. فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «لَمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلَمْ تَرْضَ عَنْهُ حَتَّى إِنَّكَ حَمَّلْتَهُ مَسْؤولِيَّةَ هَذَا الشَّعْبِ؟ أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِهِ أَوْ وَلَدْتُهُ، حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ، وَقُدْهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي وَعَدْتَ بِها آبَاءَهُ. مِنْ أَيْنَ أَجِيءُ بِلَحْمٍ يَكْفِي جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ؟ فَإِنَّهُمْ يَبْكُونَ إِلَيَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ. إِنَّنِي عَاجِزٌ عَنْ حَمْلِ عِبْءِ هَذَا الشَّعْبِ وَحْدِي لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ. إِنْ كُنْتَ سَتُعَامِلُنِي هَكَذَا، فَاقْتُلْنِي، إِنْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ، فَلا أَشْهَدُ بَلِيَّتِي».

فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنَ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ حَقّاً شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَمْثُلُوا مَعَكَ هُنَاكَ. فَأَنْزِلَ وَأُخَاطِبَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيُعِينُونَكَ فِي حَمْلِ مَسْؤولِيَّةِ الشَّعْبِ، فَلا تَحْمِلُهَا أَنْتَ وَحْدَكَ. وَقُلْ لِلشَّعْبِ، أَنْ يَتَقَدَّسُوا لِلْغَدِ، فَيَأْكُلُوا لَحْماً، لأَنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَي الرَّبِّ مُتَسَائِلِينَ: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً؟ لَقَدْ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ. إِنَّ الرَّبَّ سَيُعْطِيكُمْ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ. وَسَتَأْكُلُونَهُ لَا لِيَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلا لِيَوْمَيْنِ، وَلا لِخَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ لِعَشْرَةِ أَيَّامٍ وَلا لِعِشْرِينَ يَوْماً، بَلْ لِشَهْرٍ كَامِلٍ إِلَى أَنْ تَعَافُوهُ وَيَخْرُجَ مِنْ أُنُوفِكُمْ، لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسَطِكُمْ، وَبَكَيْتُمْ لَدَيْهِ قَائِلِينَ: لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ؟» فَقَالَ مُوسَى: «هَذَا الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا قَائِمٌ فِي وَسَطِهِ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ، مَاعَدَا النَّسَاءَ وَالأَطْفَالَ، وَأَنْتَ تَقُولُ إِنَّكَ سَتُعْطِيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً كَامِلاً، فَمَهْمَا ذُبِحَ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ أَيَكْفِيهِمْ؟ أَمْ يَكْفِيهِمْ لَوْ جُمِعَ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ؟» فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَلْ تَعْجَزُ يَدُ الرَّبِّ؟ انْتَظِرِ الآنَ لِتَرَى إِنْ كَانَ يَتَحَقَّقُ كَلامِي أَمْ لا».

فَخَرجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِمَا قَالَهُ الرَّبُّ، وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَأَوْقَفَهُمْ حَوْلَ الْخَيْمَةِ. فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَخَاطَبَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الْحَالِّ عَلَيْهِ وَوَضَعَهُ عَلَى السَّبْعِينَ رَئِيساً. فَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا لِفَتْرَةٍ وَتَوَقَّفُوا. وَكَانَ قَدْ بَقِيَ اثْنَانِ مِنَ الشُّيُوخِ الْمُسَجَّلِينَ بَيْنَ السَّبْعِينَ فِي الْمُخَيَّمِ لَمْ يَأْتِيَا إِلَى الْخَيْمَةِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا أَلْدَادُ، وَاسْمُ الآخَرِ مِيدَادُ. فَحَلَّ عَلَيْهِمَا الرُّوحُ فَتَنَبَّآ فِي الْمُخَيَّمِ. فَأَسْرَعَ أَحَدُ الشُّبَّانِ وَأَخْبَرَ مُوسَى بِذَلِكَ، فَقَالَ يَشُوعُ بْنُ نُونَ، مُسَاعِدُ مُوسَى مُنْذُ حَدَاثَتِهِ: «يَا سَيِّدِي، امْنَعْهُمَا!» غَيْرَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لَهُ: «هَلْ مَلَأَتْكَ غَيْرَةٌ عَلَيَّ؟ لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ يُصْبِحُونَ أَنْبِيَاءَ يَحِلُّ عَلَيْهِمِ الرَّبُّ بِرُوحِهِ».

ثُمَّ رَجَعَ مُوسَى وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمُخَيَّمِ.

فَهَبَّتْ رِيحٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ سَاقَتِ السُّمَانِيَ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ وَأَسْقَطَتْهَا عَلَى الْمُخَيَّمِ، نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ، مِنْ كِلا جِهَتَيْهِ وَحَوَالَيْهِ، وَتَرَاكَمَ حَتَّى بَلَغَ ارْتِفَاعُهُ ذِرَاعَيْنِ (نَحْوَ مِتْرٍ) فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ. فَهَبَّ الشَّعْبُ طَوَالَ ذَلِكَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَكُلَّ نَهَارِ الْيَوْمِ التَّالِي يَلْتَقِطُونَ السُّمَانِيَ. فَكَانَتْ أَقَلُّ كَمِّيَّةٍ جُمِعَتْ حَوَالَيْ عَشْرَةِ حَوَامِرَ (نَحْوَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَ مِئَةِ لِتْرٍ)، ثُمَّ نَشَرُوهَا حَوْلَ الْمُخَيَّمِ لِتَجِفَّ. وَإِذْ كَانُوا مَازَالُوا يَمْضُغُونَ اللَّحْمَ، احْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ، فَأَفْشَى بَيْنَهُمْ وَبَأً مُمِيتاً، فَدَعُوا الْمَكَانَ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» (وَمَعْنَاهُ قُبُورُ الشَّهْوَةِ) لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا الْقَوْمَ الْمُشْتَهِينَ. ثُمَّ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ إِلَى حَضَيْرُوتَ وَمَكَثُوا فِيهَا.

Read More of العدد 11

العدد 12:1-16

مريم وهرون يعارضان موسى

وَانْتَقَدَتْ مَرْيَمُ وَهروُنُ مُوسَى لِزَوَاجِهِ مِنِ امْرَأَةٍ كُوشِيَّةٍ، وَقَالا: «هَلْ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلَمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضاً؟» فَسَمِعَ الرَّبُّ. أَمَّا مُوسَى فَقَدْ كَانَ أَكْثَرَ حِلْماً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.

فَقَالَ الرَّبُّ حَالاً لِمُوسَى وَهَرُونَ وَمَرْيَمَ: «اذْهَبُوا أَنْتُمُ الثَّلاثَةُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ». فَمَضَى ثَلاثَتُهُمْ. فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي عَمُودِ سَحَابٍ وَحَلَّ عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ، وَنَادَى هَرُونَ وَمَرْيَمَ، فَتَقَدَّمَا وَحْدَهُمَا، فَقَالَ: «اسْمَعَا كَلامِي: إِنْ كَانَ بَيْنَكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَإِنِّي أَسْتَعْلِنُ لَهُ بِالرُّؤْيَا، وَأُكَلِّمُهُ بِالْحُلْمِ، أَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلَسْتُ أُعَامِلُهُ هَكَذَا، بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي بَيْتِي، لِذَلِكَ أُكَلِّمُهُ وَجْهاً لِوَجْهٍ، وَبِوُضُوحٍ مِنْ غَيْرِ أَلْغَازٍ، وَيُعَايِنُ صُورَةَ الرَّبِّ. فَلِمَاذَا جَرُؤْتُمَا عَلَى انْتِقَادِ عَبْدِي مُوسَى؟»

وَاحْتَدَّ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ مَضَى عَنْهُمَا. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ فَالْتَفَتَ هَرُونُ وَمُوسَى نَحْوَ مَرْيَمَ، وَإذَا هِيَ مُصَابَةٌ بِالْبَرَصِ.

فَقَالَ هَروُنُ لِمُوسَى: «أَرْجُوكَ يَا سَيِّدِي، لَا تُحَمِّلْنَا الْخَطِيئَةَ الَّتِي ارْتَكَبْنَاهَا كَالْحَمْقَى، وَأَسَأْنَا بِها إِلَيْكَ. وَلا تَجْعَلْ مَرْيَمَ كَالْجَنِينِ الْمَيْتِ الْخَارِجِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ وَقَدْ تَهَرَّأَ نِصْفُ لَحْمِهِ». فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ قَائِلاً: «اللهُمَّ اشْفِهَا». فَأَجَابَهُ الرَّبُّ: «لَوْ أَنَّ أَبَاهَا بَصَقَ فِي وَجْهِهَا، أَمَا كَانَتْ تَمْكُثُ خَجِلَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ؟ فَلْتُحْجَزْ خَارِجَ الْمُخَيَّمِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَرْجِعُ». فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمُخَيَّمِ، وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى عَادَتْ مَرْيَمُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي صَحْرَاءِ فَارَانَ.

Read More of العدد 12

العدد 13:1-25

استكشاف أرض كنعان

ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «أَرْسِلْ جَوَاسِيسَ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ الَّتِي أَنَا وَاهِبُهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. أَرْسِلْ رَئِيساً مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مُمَثِّلاً لَهُ». فَأَرْسَلَ مُوسَى مُمَثِّلِي الشَّعْبِ الرُّؤَسَاءَ مِنْ صَحْرَاءِ فَارَانَ طِبْقاً لأَمْرِ الرَّبِّ. وَهُمْ: شَمُّوعُ بْنُ زَكُّورَ عَنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ، شَافَاطُ بْنُ حُورِي عَنْ سِبْطِ شِمْعُونَ، كَالَبُ بْنُ يَفُنَّةَ عَنْ سِبْطِ يَهُوذَا، يَجْآلُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ، هُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَنْ سِبْطِ أَفْرَايِمَ، فَلْطِي بْنُ رَافُو عَنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، جَدِّيئِيلُ بْنُ سُودِي عَنْ سِبْطِ زَبُولُونَ، جِدِّي بْنُ سُوسِي مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى عَنْ سِبْطِ يُوسُفَ، عَمِّيئِيلُ بْنُ جَمَلِّي عَنْ سِبْطِ دَانٍ، سَتُورُ بْنُ مِيخَائِيلَ عَنْ سِبْطِ أَشِيرَ، نَحْبِي بْنُ وَفْسِي عَنْ سِبْطِ نَفْتَالِي، جَأُوئِيلُ بْنُ مَاكِي عَنْ سِبْطِ جَادٍ. هَذِهِ هِيَ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ، وَآنَذَاكَ غَيَّرَ مُوسَى اسْمَ هُوشَعَ بْنِ نُونٍ إِلَى يَشُوعَ.

وَعِنْدَمَا أَطْلَقَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ قَالَ لَهُمْ: «انْطَلِقُوا مِنْ هُنَا نَحْوَ الْجَنُوبِ، ثُمَّ اصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ، وَاسْتَكْشِفُوا الْبِلادَ وَأَوْضَاعَهَا وَهَلْ شَعْبُهَا الْمُقِيمُ فِيهَا قَوِيٌّ أَمْ ضَعِيفٌ؟ أَكَثِيرٌ هُوَ أَمْ قَلِيلٌ؟ وَمَا هِيَ طَبِيعَةُ الأَرْضِ السَّاكِنُ فِيهَا، أَصَالِحَةٌ هِيَ أَمْ رَدِيئَةٌ؟ وَمَا هِيَ الْمُدُنُ الَّتِي هُوَ قَاطِنٌ فِيهَا؟ أَمُخَيَّمَاتٌ هِيَ أَمْ حُصُونٌ؟ وَكَيْفَ هِيَ أَرْضُهُ: أَخَصِبَةٌ أَمْ قَاحِلَةٌ؟ أَفِيهَا شَجَرٌ أَمْ جَرْدَاءُ؟ تَشَجَّعُوا وَأَحْضِرُوا عَيِّنَةً مِنْ ثَمَرِ الأَرْضِ». وَكَانَ الْمَوْسِمُ عِنْدَئِذٍ مَوْسِمَ بَاكُورَاتِ الْعِنَبِ.

فَمَضَوْا وَتَجَسَّسُوا الأَرْضَ، ابْتِدَاءً مِنْ صَحْرَاءِ صِينَ إِلَى رَحُوبَ عَلَى مَشَارِفِ حَمَاةَ. وَاجْتَازُوا صَحْرَاءَ النَّقَبِ حَتَّى وَصَلُوا حَبْرُونَ حَيْثُ تُقِيمُ قَبَائِلُ بَنِي عَنَاقَ: أَخِيمَانَ وَشِيشَايَ وَتَلْمَايَ. وَكَانَتْ حَبْرُونُ قَدْ بُنِيَتْ قَبْلَ مَدِينَةِ صُوعَنَ الْمِصْرِيَّةِ بِسَبْعِ سَنَوَاتٍ. ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى وَادِي أَشْكُولَ، فَقَطَفُوا فَرْعاً مِنْ كَرْمَةِ عِنَبٍ فِيهِ عُنْقُودٌ وَاحِدٌ، حَمَلُوهُ بِعَصاً عَلَى كَتِفَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، فَضْلاً عَنْ شَيْءٍ مِنَ التِّينِ وَالرُّمَّانِ. فَدُعِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَادِي أَشْكُولَ (وَمَعْنَاهُ: وَادِي الْعُنْقُودِ) بِسَبَبِ عُنْقُودِ الْعِنَبِ الَّذِي قَطَفَهُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنْ هُنَاكَ.

وَبَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً رَجَعُوا مِنِ اسْتِكْشَافِ الأَرْضِ.

Read More of العدد 13